ارتبط تاريخ قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة عين شمس بتاريخ نشأة الكلية نفسها، إلى الحد الذي ذهب البعض معه بالقول أن تاريخ كلية التربية جامعة عين شمس هو نفسه تاريخ قسم المناهج الذي يعد أكثر الأقسام التربوية إرتباطا بطبيعة كلية التربية ورؤيتها ورسالتها في إعداد المعلم المتخصص بمجالات وفروع المعرفة المختلفة.
يؤرخ إلى نشأة كلية التربية جامعة عين شمس بالعام الدراسى 28/1929م الذي فيه استقدمت وزارة المعارف المصرية بعض الخبراء الأجانب في التربية والتعليم للاستعانة بخبراتهم العلمية في وضع خطة عامة لإصلاح التعليم بمصر، وتطبيق أحدث نظم التربية بما يتناسب والحاجات الخاصة للقطر المصري.
فاستقدمت وزارة المعارف كل من مستر "مان F.O.Mann " -مفتش المدارس وكليات المعلمين بوزارة المعارف العمومية الإنجليزية- ومستر "كلاباريد Claparede "- أستاذ السيكولوجيا في كلية العلوم بجامعة جنيف بسويسرا- اللذان تم تكليفهما بتقييم حالة التعليم في البلاد ووضع خطة عامة للإصلاح التعليمى. وقد قام كل منهما ببحثه على حدة وجاء نتيجة أبحاثهما فى التقريرين اللذين رفعا إلى وزارة المعارف – المصرية – والتى تعكس وجهة النظر الخاصة بكل منهما فى تطوير النظام التعليمى بمصر بصفة عامة، وإعداد المعلم بصفة خاصة. وفيما يلي عرض لأهم ما جاء في تقرير كل من الباحثين:
أ- تقرير مستر مان : جاء (مان Mann ) إلى مصر في سبتمبر 1928 بناء على دعوة وزير المعارف – آنذاك- (أحمد لطفي السيد) واستمر قائمًا على دراسة مختلف الجوانب المتعلقة بالتعليم المصري لمدة ثمانية شهور حتى آخر أبريل 1929 عندما قدم تقريره النهائي إلى وزير المعارف بالمقترحات التي يراها لازمة لإصلاح نظام التعليم المصري والتغلب على مشكلاته. وكان من أهم المسائل التي كُلف ببحثها وإبداء الرأي فيها مسألة نظام مدارس المعلمين، ومحاولة وضع نظام عام محدد لمدارس المعلمين يكون مشتملاً على المقررات الدراسية اللازمة لإعداد المعلم، وغيرها من الأمور الأساسية الأخرى، وقد توصل "مان Mann " إلى أهم هذه المقترحات:
• ضرورة إسناد مهمة إعداد المعلم إلى الجامعة.
• ضرورة إنشاء معهد للتربية يلحق بالجامعة المصرية يتلقى فيه الطلبة لمدة سنة واحدة المواد المتعلقة بمهنة التدريس مثل: نظريات علم التربية، وأساليبها الحديثة مع التركيز – قدر الإمكان على التدريب على التدريس العملي لتنمية قدرة الطالب العملية ومهاراته في التدريس.
• توحيد مصادر إعداد معلم المرحلتين: الابتدائية والثانوية في نظام يشتمل على دراسة أربع سنوات كاملة بالجامعة وعلى دراسة سنة إضافية في مدرسة المعلمين مع الأخذ ببعض الاعتبارات التي تستوجبها طبيعة المرحلة الدراسية الابتدائية والثانوية، فمدرس المدرسة الابتدائية - بسبب صغر سن تلاميذه - يحتاج إلى قسط من الدراسة التثقيفية أقل مما يحتاج إليه مدرس المدرسة الثانوية لكنه يجب أن يفوقه في المقدرة العملية. أما مدرس المدرسة الثانوية، وبخاصة إذا عهد إليه التدريس في الفرق العليا فيجب أن يكون أكثر تعمقًا في دقائق العلم من مدرس المدرسة الابتدائية.
ب- تقرير مستر كلاباريد : جاء (كلاباريد Claparede ) إلى مصر أواخر شهر أكتوبر عام 1928م، أصدر بعدها تقريرًا عن أرائه، طبعته وزارة المعارف فيما بعد، وقد اعتمد كلاباريد في تقريره على مصادر متعددة منها: آراء المعلمين والمفتشين، وخبراء الامتحانات، والملاحظات التي عنت له أثناء زياراته للمدارس المختلفة، بجانب الاختبارات السيكولوجية التي أجراها على بعض تلاميذ المدارس في المدن والأرياف، هذا بالإضافة إلى اعتماده على ملاحظات عدد من طلاب مدرسة المعلمين العليا. لذلك جاءت آراؤه متأثرة بدراسته التربوية والنفسية. وقد تناول تقرير (كلاباريد) جملة من الآراء والملاحظات تمثلت أهمها فيما يلى:
• رأى "كلاباريد" أن الإعداد اللازم لمعلمى المرحلة الابتدائية هو نفسه ما ينبغى لمعلمى المرحلة الثانوية فيما يختص بالثقافة المهنية (التربوية) ... أما بالنسبة للثقافة الأكاديمية فالإعداد قد يكون مختلفاً، لأن ما يميز المعلم الابتدائى عن المعلم الثانوى أن معلم الابتدائى غير متخصص لأنه يقوم بتدريس كل شىء – تقريباً- بينما معلم المرحلة الثانوية يدرس موضوعات تتطلب تخصصاً أكاديمياً خاصاً.
• اقترح "كلاباريد" إنشاء معهد للتربية، ويتكون هذا المعهد من قسمين؛ قسم يقبل خريجي الجامعة من كلية الآداب والعلوم ومدة الدراسة به عامين " يتلقون فيه المبادئ السيكولوجية والبيداجوجية اللازمة، ويكونوا على اتصال وثيق بالطفل" ليصيروا معلمين بالمرحلة الثانوية. وقسم أخر ابتدائي يقبل خريجي المدارس الثانوية، ومدة الدراسة به ثلاث سنوات يتلقى فيها الطلبة - بجانب المواد التربوية المقرر دراستها – "دروساً تكميلية في الفلسفة، واللغة الإنجليزية، وإن أمكن في الفرنسية لتمكينهم من متابعة ما يستجد في ميدان التربية"؛ ليصيروا معلمين بالمرحلة الابتدائية.
• أكد "كلاباريد" على ألا يقتصر إعداد المعلم للمرحلتين الابتدائية والثانوية على البعد الأكاديمي فقط الذي يجعله على دراية بقسط وافر من المعلومات في المواد التي سوف يقوم بتدريسها لتلاميذه كالتاريخ والجغرافيا والرياضة وغيرها، وإنما ضرورة الاهتمام بالبعد التربوي في إعداده الذي يجعله ملمًا بالأساليب والطرق التي تمكنه من إيصال تلك المعلومات إلى أذهان تلاميذه، وحتى يتأتى ذلك يجب عليه دراسة نفسية الطفل، وقوانين النشاط الفكري، والمبادئ والأساليب التي تنمي روح النشاط، وحب الاستطلاع لديه.
• وضع "كلاباريد" تصورًا مفصلاً عن معهد التربية العالي للمعلمين من حيث: أهدافه ومدة الدراسة به، ونوعية الطلبة، وأعضاء هيئة التدريس، ونظم الإدارة، وبرامج التعليم والامتحانات... وما غير ذلك. كما دعا إلى إنشاء مدارس تجريبية تلحق بهذا المعهد ليتم فيها تجريب الطرق الجديدة قبل تعميمها في جميع مدارس القطر، وقد أوضح "كلاباريد" أن أول أمر يجب أن يمتاز به معهد التربية - المزمع إنشائه - هو إعطاء نصيب وافر للتنمية العلمية الذاتية والدراسة الحرة بدلاً من تلك الدروس التي يقتصر فيها على الحضور والاستماع. كما يجب أن يكون هذا المعهد على اتصال مستمر ووثيق بمدارس القطر حتى يتسنى لطلبة المعهد بهذه الطريقة أن يزوروا تلك المدارس زيارات متكررة تمكنهم من إجراء التجارب العلمية فيها. كما يجب أن يمتاز هذا المعهد أيضًا بإيجاد الروح المدرسي وخلق الجو الفكري والإقبال على العمل بسرور والتحمس للاشتراك في عمل واحد.
وخلاصة القول هنا، أن هاتين التقريرين لكل من "مان، وكلاباريد" يعتبرا البداية الحقيقية لإنشاء معهد التربية العالي للمعلمين (كلية التربية جامعة عين شمس فيما بعد) نظراً لتأكيدهما على ضرورة إعداد المعلم داخل الجامعة، وبذلك قد تهيأ المجتمع المصري بالفعل لقبول مرحلة جديدة في تاريخ إعداد المعلم في مصر تمثلت في إنشاء ذلك المعهد العالي للمعلمين، الذي انتهج فلسفة جديدة لإعداد معلمي المرحلة الابتدائية والثانوية معًا، تختلف عن الفلسفة السابقة التي كانت تتبعها مؤسسات إعداد المعلم من قبل.
هذا وقد جاءت أولى خطوات إنشاء معهد التربية العالي للمعلمين بصدور مرسوم بقانون رقم (58) عام 1929 بالترخيص لوزارة المعارف بإنشاء معهد للتربية، من مادتين نصت المادة الأولى منه على: أنه لوزير المعارف العمومية أن ينشئ - على سبيل التجربة - معهدًا للتربية على حسب الشروط التي يحددها مجلس الوزراء بناء على ما يعرضه وزير المعارف العمومية، بينما نصت المادة الثانية على أن يوقف العمل بالقانون رقم (26) لسنة 1921 فيما يختص بالقبول بمدرسة المعلمين العليا بمجرد صدور هذا القانون.
وقد سبق إصدار هذا المرسوم وضع مذكرة رفعتها وزارة المعارف لمجلــس الوزراء "لاستصدار مرسـوم ملكي بإنشـاء هذا المعهد مؤقتًا حتى إذا نجـح، اتخـذت الإجراءات اللازمة لاستصدار مرسوم ملكي آخر بإنشائه نهائيًا. وقد أكدت مذكرة المعارف على أن إصلاح التعليم في مصر لن يكون إلا بعاملين أساسيين، الأول: خطط الدراسة ومناهجها، والثاني: المعلم المنفذ لها لتربية الناشئة وتكوينهم. كما استعرضت مذكرة المعارف أيضاً أهم القوانين والتعديلات التي أُدخلت على مدرسة المعلمين.
وفي البداية حدد قانون معهد التربية العالي للمعلمين، الصادر في أكتوبر عام 1929، الغرض منه في تأهيل مدرسين لتدريس المواد المختلفة بالمدارس الثانوية، والمدارس الابتدائية على حد سواء، باعتباره مدرسة فنية تابعة لإشراف وزارة المعارف العمومية. ووفقًا لهذا القانون قُسّمَ المعهد إلى قسمين رئيسيين هما: القسم العالي لإعداد مدرسين المدارس الثانوية، والقسم الابتدائي لإعداد مدرسين المدارس الابتدائية ومدة الدراسة في كل قسم سنتان. وملحق بالقسم الابتدائي قسم إعدادى لإعداد طلابه الذين يهيئون للتعليم الابتدائى، ومدة الدراسة فى هذا القسم سنة واحدة، وينقسم القسم الإعدادى إلى قسمين: أدبي وعلمي؛ القسم الأدبي يكون أساسه اللغة الأجنبية، ويضاف إليها تعلم مواد المعلومات العامة على أساس حاجة المدارس الابتدائية. أما القسم العلمي فأساسه الرياضة، ويضاف إليها تدريس المعلومات العامة. ومن ثم فقد كان معلم المدرسة الثانوية يدرس في معهد التربية بالقسم العالي لمدة سنتين، بينما معلم المدرسة الابتدائية يدرس بالقسم الابتدائي لمدة ثلاث سنوات.
وعلى أية حال، فقد بدأت مع إنشاء معهد التربية العالي للمعلمين (كلية التربية جامعة عين شمس حالياً) معالم أولية لفلسفة تستند إليها عملية إعداد معلم المرحلة الابتدائية، وهى إعداده أكاديميًا وتربويًا. فقد كان معلم هذه المرحلة يؤهل بالقسم الابتدائى بمعهد التربية لمدة ثلاث سنوات بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، ويتلقى العلوم المهنية على نفس المستوى الذي يتلقاه زميله في هذه العلوم من خريجي كليتى الآداب والعلوم الذي يؤهل للتعليم في المدارس الثانوية.
وفي عام 37/1938م قررت وزارة المعارف إعادة تنظيم المعهد بحيث لا يكون الغرض منه قاصرًا على إعداد المعلمين "لمدارس التعليم العام إعدادًا فنيًا وأن يكون في الوقت نفسه مركز للدراسات العليا والأبحاث العلمية في شئون التربية". بجانب فتح أقسام أخرى لإعداد معلمي التربية الرياضية، والرسم وتبعًا لذلك شمل معهد التربية أقساماً ثلاثة:
• قسم عام: ويقبل به الحاصلون على درجة الليسانس أو البكالوريوس من الجامعة المصرية ومدة الدراسة به سنة واحدة لإعداد المعلمين لمدارس الابتدائية والثانوية معاً بعد دمج القسم الابتدائي، والعالي بالمعهد معاً.
• قسم الرسم: ويقبل به الحاصلون على دبلوم مدرسة الفنون الجميلة العليا ومدرسة الفنون التطبيقية العليا قسمى (التصوير والزخرفة) ومدة الدراسة به سنتان لتخريج مدرسى الرسم.
• قسم التربية البدنية: ويقبل به الحاصلون على شهادة الدراسة الثانوية (قسم ثان) من الذين لديهم الاستعداد الرياضي، ولهم ماض ممتاز في الرياضة بالمدارس التي كانوا فيها، ومدة الدراسة بهذا القسم ثلاث سنوات لتخريج مدرسى التربية البدنية.
• قسم الدراسات العليا والأبحاث العلمية في شئون التربية.
وقد بررت وزارة المعارف إدماجها للقسم العالي والقسم الابتدائي بالمعهد والاكتفاء بقسم واحد برغبتها في العدول عن التمييز بين مدرسي المدارس الابتدائية، ومدرسى المدارس الثانوية إذ " أن التعليمين الابتدائي والثانوي يؤلفان حلقة متصلة، ومن المفيد أن يكون معلمها واحد ليخبر بنفسه ميول التلاميذ ومستوى تفكيرهم.
وجدير بالذكر أن اشتمال المعهد على قسمي الرسم والتربية البدنية، دليل على أهمية إعداد المتخصصين والمهنيين في التربية الفنية والرياضية على أساس علمي تربوي. مما يؤكد على أن إعداد المعلم لم يعد قاصرًا على تدريس العلوم الطبيعية والكيمياء والمواد الاجتماعية واللغة، وإنما شمل نواحٍ أخرى من حياة المواطن. ولقد كانت كل أقسام المعهد موجودة في مبنى واحد معا بمنطقة سراي موصيرى بالأورمان.
وفي العام الدراسي 41/1942م تم تأسيس قسم الدراسات العليا بالمعهد بالفعل وتحويله إلى حقيقه، فأصبح معهد التربية يمنح الماجستير بالاشتراك مع كلية الآداب جامعة فؤاد الأول- القاهرة فيما بعد- على أن يجرى بالمعهد بحوث ودراسات في التربية وعلم النفس، وتقوم كلية الآداب بمنح الدرجات العلمية. وقد تقدم لهذا النظام عدد من الباحثين كونوا النواة الأولى التي حملت لواء البحث العلمي في التربية، ومن هذه النواة تكونت الدراسات العليا التربوية بمصر، وتم توفير عدد من أعضاء هيئة التدريس بالمعهد من أبناء البلاد، بعد أن كانت غالبية هيئتها التدريسية من الأجانب، حيث استقدم المعهد عدد من كبار أساتذة التربية وعلم النفس في العالم ليلقوا محاضرات على طلابه. وقد كان لهذا القسم الدور الريادي في مجال البحث التربوي سواء في مصر أم في الوطن العربى.
وجدير بالذكر أنه، لم يطرأ أى تعديل يذكر على نظام الدراسة بالمعهد إلا فى العام الدراسى 49/1950م إذ تقرر تنظيم دراسات للطلبة فى المواد العلمية (الأكاديمية) إلى جانب دراسة مادة التربية وما يتصل بها؛ بحيث يدرس الطالب فى خلال سنتى الدراسة بالمعهد مادتين من المواد التى تدرس بالمدارس الثانوية تكون إحداهما من مواد تخصصه بالجامعة، والأخرى من المواد المتصلة بهذه المادة والتى ينتظر أن يعهد إليه بتدريسها في المدارس الثانوية بعد تخرجه، وفي مقابل هذا تقرر إدماج مادة التربية التجريبية بمادة علم النفس لما بينهما من صلة وثيقة؛ وتخفيف عدد الدروس المقررة في بعض المواد الأخرى، وأصبحت المواد التي تدرس هي: علم النفس – أصول التربية – تاريخ المذاهب التربوية – طرق التدريس العامة والخاصة – المادة العلمية الأساسية – المادة العلمية الإضافية – التربية العلمية.
هذا ولقد شهد عام 1950م مرحلة انضمام معهد التربية العالى للمعلمين (كلية التربية فيما بعد) والممثل الوحيد للدراسات التربوية فى مصر للجامعة المنشأة حديثاً – آنذاك – جامعـة إبراهيـم باشـا الكبيـر (جامعة عين شمس فيما بعد)، وهو ما يعد انتصاراً للفكرة الجامعية فى إعداد المعلم، وتأكيداً على أهمية وجود مؤسسة لإعداده داخل الحرم الجامعى بعد عزوف دام خمسة وعشرين عاماً عن احتضان الجامعة للدراسات التربوية فى مصر. فلذلك يمكن القول بأن هذه المرحلة تعد عتبة تاريخية أخرى فى تاريخ إعداد المعلم فى مصر عموماً وكلية التربية بجامعة عين شمس خصوصاً، فالإشراف الفعلى للجامعة على الإعداد المهنى ( التربوى ) للمعلم لم يبدأ إلا فى عام 1950 مع ميلاد جامعة عين شمس – إبراهيم باشا سابقاً -، والتى تعد من أوائل الجامعات التى تحملت مسئولية إعداد المعلم ونشرت فكرة تخريجه بين الجامعات الأخرى. وقد أعطى احتضان جامعة عين شمس لكلية التربية (معهد التربية العالي للمعلمين سابقاً) - منذ الخمسينات – دفعة قوية لها وساهم في تقدم العلوم النفسية والتربوية بهذه المؤسسة، وبخاصة بعد توسعها في منح الدرجات العلمية التربوية المختلفة.
لذلك يمكن القول بأن الأخذ بالاتجاه العلمى فى التربية قد جاء متأخرا نسيبا، ولم يكن ذلك قبل عام 1929، ذلك العام الذي يمثل نقطة تحول هامة اتجهت فيها التربية بمصر إلى القيام على أسس علمية، بفضل إنشاء معهد التربية العالي للمعلمين (كلية التربية جامعة عين شمس حالياً) الذي سعى سعيا حثيثا، ليكون مركزا للبحث العلمي التربوي والسيكولوجي مستعيناً في ذلك بما حققه علم النفس في الخارج من تقدم فيما يتعلق بعملية التعلم والتعليم، وكذلك بما حققته حركة التربية الحديثة من ازدهار في عدد من البلاد الأجنبية وبخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما كان لمعهد التربية العالي للمعلمين أثره في تزايد الاهتمام بالبحث العلمي في التربية، وذلك عندما دفع المعهد بدارسيه إلى البحث والتأليف في المجال التربوي، وبفضل بحوثهم ومؤلفاتهم أصبح علما له أصوله، إذ كانت الرسائل العلمية الأولى جيدة المستوى ذات موضوعات حيوية وهامة للتربية, ومن ثم أعادت الأوساط الجامعية النظر في مسألة الإعداد "البيداجوجي" الذي كانت تنظر إليه نظرة ازدراء لكونه أمراً يختص بالتعليم الابتدائي الذي لا يعنيهم في قليل أو كثير.
وقد ساعد إنشاء المعهد للمدارس التجريبية والنموذجية أيضاً التابعة لإشرافه الإداري والتعليمي على تحقيق ما كان يهدف إليه، إذ بفضل تلك المدارس أمكن تطبيق أحدث المبادئ التي وصل إليها مفكرو البحث التربوي العالمي، وتكييفها للبيئة المصرية الأمر الذي ساهم في إنتقال نتائج البحوث وطرقها وطرق إعداد المعلمين إلى بقية البلدان العربية...، كما سايرت كثير من عناصر العملية التربوية، واتجاهاتها اتجاهات الفكر التربوي المعاصر". ومن هنا فقد طالب البعض بإنشاء كلية للتربية بكل جامعة من الجامعات المصرية على أن يكون معهد التربية العالي نواة لهذه الكليات الجديدة التي سيتخرج منها المعلمون بعد أربع سنوات – أي وفقا للإعداد التكاملي- يمارسون بعدها التدريس مباشرة.
يضاف إلى ذلك, أن المعهد سعى إلى رفع المستوى العلمى لأعضاء الهيئة التدريسية به وذلك بإيفادهم إلى الخارج فى مهام علمية للوقوف على أحدث التطورات العلمية فى مجال إعداد المعلمين والتعليم، إلى جانب استقدام المعهد للأساتذة الأجانب للتدريس به حتى يوفر لطلبته الذين لم تتح لهم فرصة السفر إلى الخارج أن يستفيدوا من علم وخبرة هؤلاء الأساتذة.
وقد ظلت كلية التربية بجامعة عين شمس تسير وفق النظام التتابعى فى إعداد المعلم حتى العام الجامعى 70/ 1971 حين ضُمت إليها كلية المعلمين بالقاهرة، لتصبح جزءاً منها، تتم فيه الدراسة سيراً على النظام التكاملى, وذلك وفقاً لصدور القرار الجمهورى رقم (1803) لسنة 1970, والذى بمقتضاه تقرر "ضم كليتى التربية والمعلمين التابعتين لجامعة عين شمس فى كلية واحدة تحت اسم كلية التربية جامعة عين شمس". وبناءً على ذلك, فقد جمعت الكلية نظامى إعداد المعلم (التكاملى – التتابعى) تحت مظلة واحدة, وأخذت تمنح درجة الليسانس والبكالوريوس فى العلوم والتربية أو الآداب والتربية، هذا بالإضافة إلى الدرجات العليا (دبلومات – ماجستير – دكتوراه) فى مجال التربية؛ ووفقاً لهذا التنظيم الجديد أصبحت نواة أساسية أنشئت على غرارها كليات التربية بجميع محافظات مصر والعالم العربى التى تكاثرت نوعاً وعدداً لتقوم بمهام إعداد المعلم.
من هنا اعتبر العام الجامعى 70/ 1971 عاما فاصلاً فى حياة كلية التربية بجامعة عين شمس, ففى هذا العام تم تنظيم الكلية وفقاً لرؤية جديدة عكستها اللائحة الجديدة التى بمقتضاها أصبحت الكلية تضم مجموعة من الأقسام العلمية والأدبية بالإضافة إلى الأقسام التربوية.
منذ عقد الثمانينات من القرن العشرين, شهدت مصر اتجاها متنامياً نحو توحيد مصادر إعداد المعلم على المستوى الجامعى، على أن يكون المصدر الرئيسى للإعداد هو كليات التربية، لتكون البوتقة أو المظلة التى يتم فى إطارها إعداد جميع نوعيات المعلمين فى المراحل المختلفة للتعليم ما قبل الجامعى حتى لا تكون ثمة قنوات مغلقة أمام المعلم.
وفي ضوء ما سبق يمكن اعتبار تاريخ كلية التربية جامعة عين شمس الذي تم عرضه سابقاً هو نفسه تاريخ نشأة قسم المناهج وطرق التدريس الذي يتولى الآن إعداد المعلم مهنياً من حيث تنمية وعيه بطرق التدريس العامة والمتخصصة، وأهم أشكال أو أنماط المناهج الدراسية وطرق تنظيمها وإعدادها، بجانب المستحدثات التكنولوجيا وأساليب التصميم التعليمي ونماذجه المختلفة
توظيف نتائج البحث العلمى فى تطوير المناهج الدراسية بكافة عناصرها فى مختلف مراحل التعليم
• المساهمة في إجراء بحوث بينية مع أقسام الكلية، و الأقسام المناظرة بالكليات الأخرى ، و مراكز البحوث المختلفة، و المؤسسات التربوية محليا و عربيا و عالميا .
• الوصول بالقسم لأن يكون أحد بيوت الخبرة التربوية المتميزة في مجال بحوث المناهج وطرق التدريس.
• إعداد كوادر بحثية في مجال المناهج و طرق التدريس .
تحقيق التميز في البحث العلمي ، و تطبيقاته في مجال المناهج و طرق التدريس، و تدعيم أواصر البحث العلمى بين القسم و مراكز البحوث ذات الصلة بتكوين النشء ، و إعداد المعلم و تدريبه محليا و إقليميا و عالميا .
إجراء بحوث متميزة لتطوير العملية التعليمية بكافة عناصرها ، و في مراحلها المختلفة ( الجامعي ، و ما قبل الجامعي ، و الفئات الخاصة ) في ضوء معايير الجودة ، و الاتجاهات العالمية المستحدثة لإعداد كودر بحثية ، و تنمية مجتمعنا .